لا تجادل !!
فلا جدوى من الجدل ..
فلقد شكل الجميع أفكارهم ..
لماذا تصرخ عندما تعبر عن آرائك ؟ هل لتغير نظرة الناس إليك ؟!
تذكر أنك لا تستطيع إقناع الآخرين بأنك شخص رائع ، بالطبع بإمكانك أن تحاول و لكنك لن تجني من ذلك سوى إثارة أسئلة من شأنها أن تثير شكوكك في ذاتك..
إذا كنت تعتقد أنك قد غيرت آراء الآخرين بصياحك في وجوههم فإنك تخدع نفسك ، لأنك لم تفعل شيئا سوى أنك استأسدت عليهم!!
إن الترهيب يولد الاستياء..
إنك لا تستطيع أن تجعل الجميع يحبونك ..
إن محاولة كسب حب شخص ما من خلال الجدل أمر يدعو للسخرية إن لم يكن ضاراً بك .
فأنت عندما تحاول إقناع شخص ما بأن يمنحك حبه إنما تدعوه إلى استغلالك بل و تحدد له الثمن الذي ستدفعه مقابل استغلالك..
إنك عندما تجادل شخصاً تحبه ينتهي بك الأمر إلى الشعور بالذنب ، و هذا الشعور قد يجعلك تشعر بأنك غير محبوب على الإطلاق ..
إنك عندما تجادل شخصاً تحبه لا تحسم شيئاً على الإطلاق ، إنك فقط تدفع نفسك و من تحب إلى أقصى حدود الإحباط !
إن كان لا بد أن تصرخ فأطلق صرخاتك بالهواء ، فذلك على الأقل لن يجعلك محبطاً عندما تذهب جهودك هباء في محاولتك لإقناع هذا الشخص ، و لن تشعر بالذنب للخروج عن نطاق السيطرة على ذاتك ..

دع مجالاً للاختلاف بينك و بين الآخرين و استمتع بهذا الاختلاف و لا تدعه يدفعك لإثارة النزاعات معهم
الكل يعلم انه لكل عصر غرائبه وعلومه ... وكان لي احد العصور فن الجدال في الحديث
تفظلو لمعرفة المزيد....من خلال القصه التي تخلد في ذاكرتي وأليكم القصة
(( في العصور القديمه كانت هناك مناهج لتدريس في فن الجدال او المجادله اي اثبات اختلاف وجهات النظر
وكان بها ناس متخصصه لذلك ..
وهذه القصه رددت امامي اكثر من مره انه هناك استاذ في فن الجدال ولديه تلميذ يحبه ويعجب به خلاف عن
بقية طلابه .. وكانت تلك الدروس تقاضى بثمن عندما يصبح التلميذ متمكن من طرق الجدال بشتى انواعها
وفي يوم من الأيام ادرك الأستاذ ان طالبه المحبوب تمكن واصبح على علم كافي للجدال ... واعلم الطالب بذلك
ولكن ..اول من كان ضحية الجدال لذلك الطالب المحبوب الأستاذ نفسه عندما طلب من طالبه المحبوب اجرا"
وكان رد الطالب له ....

(( يا أستاذي العزيز انت علمنتي ولك على ذلك اجر مستحق وانا انظر لذلك من جهة اخرى فأن كنت
مستحقا" لأجرك.. هذا عندما استطيع التغلب عليك وان لم استطع فأنا تلميذا" فاشل ... وانت لاتستحق
أجرك لأنك لم تحسن تعليمي ...فهل انا افضل منك... كي ادفع لك أجرك وأن لم أكن فأنا لأزال
احتاج الى دروس من معلم افضل منك ... وانت لاتستحق أجرا" مني ........... فأحتار المدرس أما ان يعترف بهزيمته من طالب لديه .... أو فشله في تدريسه له
وبذلك يخسر أجره....))
ماذا سوف يكون ردك لوكنت مكان ذلك الأستاذ ؟
الحوار كلمة جميلة رقيقة تدل على التفاهم والتفاوض والتجانس
ذكره الله سبحانه وتعالى في كتابه العظيم في قوله: (قَالَ لَهُ صَاحِبُهُ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ) [الكهف: 37]، ويوم أن تحاور عليه الصلاة والسلام مع المرأة الضعيفة المسكينة التي تشكو من زوجها، قال سبحانه: (وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا) [المجادلة: 1]؛ فسمع الله هذا الحوار – وسع سمعه السموات والأرض جل في علاه- ونَصّ عليه في كتابه العزيز رِفعة لشأن الحوار وإثباتاً لأهميته.
وقد ميّز الله الإنسان عن غيره من المخلوقات بصفة الكلام والحوار، وأثنى على ذلك في آيات كريمات:
ففي التحاور مع الأبناء: (يَا بُنَيَّ) [لقمان: 13] كما قال لقمان عليه السلام لابنه،
وفي التحاور مع أهل الكتاب (قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْاْ إِلَى كَلَمَةٍ سَوَاء بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلاَّ نَعْبُدَ إِلاَّ اللّهَ) [آل عمران: 64]
وفي التحاور مع المشركين: (وَإِنْ أَحَدٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلاَمَ اللّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ) [التوبة: 6]
وثمرة الحوار هو الوصول إلى الحق، فمن كان طلبه الحق وغرضه الحق وصل إليه بأقرب الطرق، وألطفها وأحسنها، والطريق الواضح هو طريق الحوار الذي سلكه الرسول صلى الله عليه وسلم قبل أن يحمل السيف، قال سبحانه: (لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ) [الحديد: 25]، فقبل أن يرسلهم بالسيوف القاطعات والرماح المرهفات، أرسلهم بالآيات والبينات، وكما يقول ابن تيمية -رحمه الله تعالى-: "إن الأنبياء بعثوا بالحجج والبراهين، والخلاف واقع في الأمة"، قال سبحانه: (وَلاَ يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ * إِلاَّ مَن رَّحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ) [هود: 118، 119] قيل (اللام) هنا ليست للقصد ولا للسبب عند بعض المفسرين وإنما للصيرورة، وقيل: إن الله – سبحانه وتعالى- خلقهم، فنوع في مفاهيمهم ومواهبهم، فوقع الخلاف في ذلك..
والخلاف في الأمة على قسمين:
أأ- خلاف تنوع: وهو الذي يُسلك في الفروع لا في الأصول، وفي الجزئيات لا في الكليات.
ب- خلاف تضاد: وهو المذموم، قال سبحانه وتعالى: (وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّذِينَ تَفَرَّقُواْ وَاخْتَلَفُواْ مِن بَعْدِ مَا جَاءهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُوْلَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ) [آل عمران: 105]، وهم الذين يخالفون في القطعيات، وثوابت الأمة، وأصول الملة، فهذا خلاف مذموم.
آداب الحوار:
أعرض هنا ثلاثة عشر أدباً من آداب الحوار:
1- الإخلاص والتجرد:
على المحاور أن يتجرد من التعصب؛ فلا يعقد التعصب لفرقته أو مذهبه أو فكرته، ثم لا يقبل منك، ويريد أن تسلم وتقر له دون أن يناقشك.
2- إحضار الحجة:
فإن صاحب الحجة قوي، قال الشافعي: "من حفظ الحديث قويت حجته"، وأما أن يأتي إنسان بكلام فضفاض وعاطفي وإنشائي ويقول بأنه يحاور الناس ويجادلهم، فهذا ليس صحيحاً. والحجة إما أن تكون عقلية قاطعة، أو نقلية صحيحة.
3- السلامة من التناقض:
فإن من الواجب على المحاور أن لا يناقض كلامه بعضه بعضاً؛ لأن بعض الناس -لقلة بصيرته-, يأتي بكلام ليس مترابطاً في موضوع واحد وإنما يتعارض مع بعضه.
4- الحجة لا تكون هي الدعوى:
كأن يقول أحدهم: ما دام أني قلت هذا القول، فقولي هذا حجة ودليل. ويزكي نفسه، وبعضهم يحسب قوّته بطول عمره.
5- الاتفاق على المسلّمات:
فالأصول لا يُناقش فيها ولا يُحاور. ففي الملة ثوابت لا ينبغي أن نضيع أوقاتنا بالجلوس لمناقشة الأصول الثابتة؛ كألوهية الباري سبحانه وتعالى، واستحقاقه للعبودية جل في علاه، وأن محمداً -صلى الله عليه وسلم- رسول الله، وأن أركان الإسلام خمسة. فهذه أمور مسلّمات ومقررات مجمع عليها، وفي مناقشتها تشويش على الناس، وتضييع لوقتك وأوقات الآخرين.
ويجب الانتباه إلى أن هذه المسلّمات قد تختلف باختلاف المحاوَر كأهل الكتاب أو الكفار أو المشركين.
6- أن يكون المحاوَر أهلاً للحوار:
فلا تأتِ برجل مشهور عنه الجهل والنزق والطيش وتحاوره، لأن أذاه أكثر من نفعه.
7- نسبة القرب والبعد من الحق:
فالأمر نسبي، إذ لا يشترط دائماً أن يكون مئة بالمئة: فإن وافقني في كل شيء فهو أخي أتولاه وأدعو له في أدبار الصلوات، وإن خالفني فهو عدوي أتبرأ منه وأدعو عليه.. لا!
ورحم الله ابن قدامة إذ يقول في كتابه "المغني": "وأهل العلم لا ينكرون على من خالفهم في مسائل الاختلاف".
8- التسليم بالنتائج :
فإذا توصل المتحاورون في حوارهم إلى أمور، فعلى المغلوب أن يسلم للغالب، وهذا من طلب الحق، يقول عبد الرحمن بن مهدي: "إن أهل الخير وأهل السنة يكتبون ما لهم وما عليهم".
9- المحاورة بالحسنى:
يقول العلماء –كأبي حامد الغزالي في الإحياء-: أن تحاوره فلا تتعرض لشخصه، ولا لنسبه وحسبه وأخلاقه، وإنما تحاوره على القضية.
10- الإنصاف في الوقت:
فإذا حاورت إنساناً فلا بد أن تتفق معه، وتقول له: تصبر لي وتسمع مني حتى أنتهي، وأصبر وأسمع منك حتى تنتهي، لك خمس دقائق ولي خمس دقائق –مثلاً- أو لك نصف ساعة ولي نصف ساعة، لا تقاطعني ولا أقاطعك.
11- حسن الإنصات:

فكما تطلب من محاورك أن يُحسن الإنصات، والاستماع إليك -وهو من الأدب- فعليك أن تستمع له إذا حاورك؛ لأن بعضهم ينقصه حسن الإنصات، وحسن الإنصات من حسن الخلق.
وصدق الله العظيم إذ يقول: ( ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ) [النحل 125]. ..